اللهم صلي على محمد وآل محمد
23 عاماً بين يدي الميزان
ثمه حقيقه في حياه العلامه الراحل السيد محمد حسين الطباطبائي تستحق التأمل علي بساطتها، هذه الحقيقه تتمثل في ان اللغه الأم للطباطبائي هي التركيه، و قد تعلم الفارسيه و العربيه فيما بعد. لقد ألف «الميزان» بالعربيه، فصارت تلك مشكله حرمت القراء الايرانيين من موسوعه قرآنيه ضخمه كالميزان تحول ضروب المعارف التأسيسيه و النقديه في المستويين النقلي و العقلي. و كانت الترجمه هي الحل، فصار «الميزان» في حياه صاحبه عرضه لاقلام المترجمين الي ان استقر اختيار الطباطبائي علي قلم السيد محمد باقر الموسوي الهمداني الذي قدم الطبعه الفارسيه من التفسير في ضعف حجم الطبعه العربيه، و انجزها تحت اشراف المؤلف و في اطار رعايته، حيث يقول السيد الهمداني: «كان السيد الطباطبائي يمسك تفسير الميزان – الاصل العربي – بيده و انا اقرأ الترجمه، و هو يمارس الضبط».
و عن بواعث اختياره من بين آخرين، بينهم علماء كبار بذلوا عنايتهم بترجمه «الميزان» يقول الهمداني: «ان تكليفي من قبل السيد بترجمه بقيه مجلدات التفسير لم يكن معناه ان ترجمني افضل ممن سواي، كما ان السيد لم يكن ينتقص من ترجمات الآخرين، و هذه من الخصوصيات الاخلاقيه للمرحوم العلامه الطباطبائي الذي لم يكن ينتقص من الآخرين».
يضيف: «لقد دامت علاقتي معه (35) سنه لم اسمعه في اثنائها يذكر احداً بسوء، سوي الذم الذي كان يصدر منه ازاء بلاط الشاه و النظام الطاغوتي».
لقد استغرقت ترجمه «الميزان» كاملاً مده (23) سنه كان فيها السيد الهمداني يترجم في السنه مجلدين (بالفارسيه حيث تقع الترجمه الفارسيه باربعين مجلداً) ثم تستغرق مقابله كل مجلد مده شهرين.
و لكن كيف بدأت العلاقه بين الاثنين علي خط هذه الرحله الطويله؟ يحدثنا السيد الهمداني عن اللقاء الاول، بقوله: «وصل (الطباطبائي) الي قم في سنه 1365 هـ، و تعرفت عليه 1366 هـ. و قد حصل ذلك في المدرسه الفيضيه عندما رأيته يوماً يصلي، فسألت عنه الاصدقاء، فقالوا: السيد الطباطبائي، و هو استاذ في الفلسفه».
تقدمت صوبه و توجهت اليه بالسؤال التالي: ما مدي صحه نظريه انشتاين التي يقول ليست هناك بشكل عام ايه قاعده كليه عامه في العلوم؟ اجاب: هذه النظريه تبطل نفسها بنفسها. فهذا الكلام ذاته هل ينطوي علي التعميم و الكليه ام لا؟ و في الحالتين كلتيهما تبطل النظريه نفسها بنفسها. سعدت لهذا الجواب، و منذ ذلك القوت اخذت اتصل بالسيد باستمرار. حيث اشتركت في درسه الذي كان يعطيه في التفسير و الاسفار.
رفقه مع العلامه الطباطبائي تدوم (35) عاماً، لا ريب انها تتخلل المزيد من الفوائد العلميه و الاخلاقيه. عن هذه النقطه يتحدث السيد الهمداني بقوله: «من بين الدورس التي افدتها من هذا الرجل الجليل، واضحت عبره بالنسبه لي، انه كان مواظباً علي مراقبه نفسه و كانت له السيطره علي اللسان و اليد و جميع الاعضاء و الجوارح.
يشهد الله علي ما اقول؛ من اني لم اسمعه طوال هذه المده يغتاب ولو مره واحده، كما لم اسمع منه كلمه في مدح نفسه و التمجيد بذاته».
يضيف: «اثنان عجيبان في هذه الخصله احدهما السيد الطباطبائي و الآخر السيد الامام الخميني الراحل، فمع ما بلغاه من المجد و العظمه لم يتحدثا عن نفسيهما قط؛ لقد كانا علي تواضع عظيم»